تولي الحكومة اهتماماً متزايداً بالمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، باعتبارها إحدى أهم مرتكزات عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وآليات التوجه الحكومي لدعم الإنتاج وتسهم بشكل مباشر في تأمين المزيد من فرص العمل وتمكّن من إقامة مشروعات تؤمن مصدر دخل مناسب، بالإضافة إلى دورها المهم في رفع الطاقة الإنتاجية والمساهمة في تأمين حاجة السوق المحلية من العديد من المنتجات والسلع والمساهمة بتنمية عملية تصدير الفائض من المنتجات.
وفي هذا السياق اعتمد مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة /دليل تعريف المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة/، والذي تم إعداده بمشاركة طيف واسع من الجهات الحكومية وغير الحكومية، ويأتي في إطار متابعة تطوير بيئة أعمال هذه المشروعات وتوحيد المفاهيم والمعايير والحدود بين الجهات المعنية بقطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وبناء قاعدة بيانات متكاملة عن هذه المشروعات، ووضع الأسس العملية لتنظيم العمل في هذا القطاع في إطار رؤية متكاملة للنهوض بهذه المشروعات على المستوى الوطني.
وتشكل القطاعات عبر الوزارية إحدى أهم جوانب العمل الحكومي التي تتطلب درجة عالية من التنسيق والتشاركية فيما بين الجهات المعنية لزوم إدارتها على النحو المطلوب وهو ما ينطبق بطبيعة الحال على قطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الذي تتداخل في عملية إدارته وتنظيمه وتقديم الخدمات المتصلة به العديد من الجهات الحكومية وغير الحكومية، من وزارات وهيئات واتحادات وغرف أعمال ومؤسسات تمويل.
وجود مفاهيم جامعة وموحدة ومتفق عليها بين مختلف الجهات المعنية بقطاع المشروعات يمثل حجر الأساس والقاعدة الصلبة التي يمكن الانطلاق منها نحو تنظيم القطاع وتطويره، مشيراً إلى عقد مجموعة من ورش العمل التخصصية بمشاركة طيف واسع من الجهات (الحكومية وغير الحكومية) بغرض وضع دليل تعريف موحد للمشروعات، وتأسيساً لنهج جديد في التعاطي مع القطاع ومقاربة المسائل المتصلة به، والذي كانت أولى ثماره دليل تعريف المشروعات، على أن يليـه فـي مرحلة لاحقة السجل الوطني للمشروعات والذي سيكون بمثابة قاعدة بيانات وطنية لكل المشروعات الاقتصادية في سورية، على اختلاف حجومها، بما يتيح الوصـول إلى المعطيات المساعدة على وضع الخطط القطاعية وتصميم البرامج الاستهدافية وفـق الأولويات التنموية الوطنية والإقليمية والمحلية.
وتضمن الدليل الذي يعد مرجعاً لكافة الجهات المعنية بقطاع المشروعات، تعريفاً واضحاً للمشروعات حيث يمثل إطار عمل لتنفيذ برامج متعددة تهدف لتطوير المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ويشكل "اللغة المشتركة" التي يجمع عليها أصحاب العلاقة والشركاء الاستراتيجيون الذين يمارسون أعمالاً وأنشطة تنظيم وتنمية ودعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
كما ان التعريف من شأنه أن يساعد على تصنيف المشروعات وفقاً لحجمها ونوع نشاطها، ووضع وجمع ونشر الإحصائيات الكمية والنوعية التي تتعلق بالمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بما يتيح وضع السياسات والبرامج الخاصة بتطوير القطاع في المجالات المختلفة وبما يتماشى مع أولويات التنمية المحلية، إضافة إلى تمكين الجهات المحلية والدولية، الحكومية وغير الحكومية، من تبادل المعلومات المطلوبة عن المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بما يسهم في زيادة فعالية التعاون بين مختلف الشركاء الاستراتيجيين المعنيين بتطوير القطاع.
ويتسم التعريف المعتمد في الدليل بمعايير محددة وواضحة وقابلة للقياس بعيدة عن التقدير الشخصي، كما أنه يميز بين المشروعات على أساس الحجم، ويتوافق مع مواصفات وخصائص القطاعات الاقتصادية الأساسية (الزراعة-الصناعة-التجارة-الخدمات).
ووفق الدليل فإن نطاق تطبيق التعريف يتم من قبل مختلف المؤسسات الحكومية والهيئات والمنظمات غير الحكومية ومراكز الإحصاء والدراسات وقطاع الأعمال ومقدمي خدمات دعم الأعمال بما فيها خدمات التمويل وأية جهة ذات صلة بقطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
وبيّن الدليل تعريف المشروعات وفق القطاعات الاقتصادية التابعة لها، ففي قطاع الزراعة عرف الدليل المشروعات المعنية بالإنتاج النباتي أو الحيواني وأن النشاط الزراعي هو نشاط يقوم على استثمار الموارد الطبيعية النباتية والحيوانية.
وحول المشروعات التابعة لقطاع الصناعة فبين التعريف أنها المشروعات التي يكون أساسها التحويل، أي تحويل المواد إلى منتج نهائي أو وسيط، وبالتالي تحقيق قيم مضافة من خلال تغيير المواد أو تجديدها أو إعادة تشكيلها، كما يشمل المشروعات التي تعنى باستخراج المواد الخام الطبيعية وتجهيزها.
أما فيما يخص قطاع التجارة فعرفها الدليل بأنها المشروعات التي يكون أساسها شراء وبيع وتوزيع سلعة ما أو عدة سلع مختلفة بهدف تحقيق الربح وإعادة استثماره، بينما تعرف المشروعات التابعة لقطاع الخدمات بأنها المشروعات التي تقدم خدمة ما لصالح الغير مقابل أجر (خدمات التعليم والصحة والنقل والاتصالات والسياحة والطاقة .. الخ).
وبحسب الدليل فإن تصنيف المشروعات يتم وفق ثلاثة معايير تصنيف أساسية تتضمن الحد الأدنى والأعلى لـ (عدد العمال – قيمة المبيعات – رأس المال المستثمر) ويستثنى من رأس المال المستثمر قيمة الأراضي في القطاع الزراعي، ورأس المال الثابت في القطاع التجاري، علماً أن أهمية كل معيار تختلف تبعاً للقطاع الذي ينتمي إليه المشروع.
تاريخ النشر 2023-11-06 الساعة 14:27:14